شهد قطاع العقارات في تركيا خلال عام 2024 تحديات كبيرة. فقد ساهمت عوامل مثل تبعات الزلازل الكبرى، والتضخم السريع، وتراجع الثقة في جودة البناء في حدوث تباطؤ واضح في السوق. كما أن المقارنة مع دبي، حيث يمكن الحصول على خدمات أعلى جودة بأسعار مماثلة، دفعت العديد من الأشخاص إلى إعادة النظر في السوق التركي. فعلى سبيل المثال، بدلاً من الإنفاق على فنادق فاخرة في بودروم، بدأ الناس يفضلون وجهات مثل دبي، حيث يرون عائداً أفضل على استثماراتهم.
السياق التاريخي وازدهار اهتمام الأجانب بالعقارات التركية
بدأت جاذبية العقارات التركية للمشترين الأجانب بشكل فعلي عام 2015. ومع إطلاق برنامج الجنسية مقابل الاستثمار عام 2018، ارتفع الطلب بشكل غير مسبوق، حيث انجذب المستثمرون الباحثون عن الجنسية التركية من خلال شراء العقارات. في ذلك الوقت، كانت القوانين مرنة، وانجذب العديد من المستثمرين نحو المشاريع قيد الإنشاء بسبب أسعارها المناسبة. لكن مع اكتمال المشاريع، واجه المشترون تأخيرات، وجودة أقل من المتوقع، ومساحات قابلة للاستخدام أقل مما تم الاتفاق عليه. كل ذلك أدى إلى تحول واضح في التفضيلات نحو العقارات الجاهزة للسكن، حيث يمكن التحقق من الجودة والحجم على أرض الواقع.
مشهد عام 2024: ارتفاع التكاليف وتراجع وتيرة البناء
منذ الزلزال المدمر الذي ضرب هاتاي، ارتفعت أسعار المواد الخام بشكل كبير. لم يعد البناء مكلفاً فقط، بل أصبح معقداً أيضاً، مع توجه العديد من العمال والمقاولين إلى الخارج أو انخراطهم في مشاريع إعادة الإعمار الحكومية. هذا خلق بيئة صعبة لشركات الإنشاء، التي باتت مجبرة إما على تخفيض الجودة أو التخلي عن المشاريع بالكامل. وفي بعض المناطق، أصبحت العقارات الجاهزة أرخص من تلك التي لا تزال قيد الإنشاء، نتيجة ارتفاع التكاليف وانخفاض جاذبية المشاريع غير المكتملة.
المضي قدماً: توصيات واستراتيجيات لإنعاش السوق
لإعادة جذب المستثمرين إلى العقارات قيد الإنشاء، يمكن للمطورين تقديم خطط تمويل جذابة مثل دفعة أولى بنسبة 30% مع تقسيط الباقي على 60 شهراً بدون فوائد. مثل هذه العروض قد تهم كلاً من المواطنين الأتراك والمستثمرين الأجانب، مما يجعل امتلاك المنزل أكثر سهولة. بالإضافة إلى ذلك، تحتاج مشاريع التحول الحضري إلى رؤية شاملة، فبدلاً من إعادة بناء وحدات منفردة، ينبغي إعادة تأهيل الأحياء بأكملها مع التركيز على الجودة والشفافية.
إن النجاح طويل الأمد في السوق العقارية التركية يتطلب تحولاً نحو تطوير مستدام وعالي الجودة، مع تبني ممارسات شفافة، والتخلي عن هامش الربح المبالغ فيه لضمان الاستقرار على المدى الطويل، والعمل الجاد لاستعادة ثقة المشترين المحليين والدوليين.
وبالتركيز على الجودة، والشفافية، والتنمية الحضرية المستدامة، يمكن لقطاع العقارات التركي أن يعيد بناء أسس الثقة ويجذب شريحة أوسع من المستثمرين.