لماذا يجب على تركيا وإيران تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب: تحليل استراتيجي

تحليل استراتيجي للتعاون التركي الإيراني في مكافحة الإرهاب. كيف يمكن لشراكة أنقرة وطهران مواجهة تهديدات مثل PKK وPJAK وداعش، وتعزيز الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط؟ استكشف أبعاد التعاون الأمني، والتحديات المشتركة، وآفاق التنسيق الاستخباراتي والاقتصادي،
لماذا يجب على تركيا وإيران تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب: تحليل استراتيجي

لماذا يجب على تركيا وإيران تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب: تحليل استراتيجي

ما الذي يدفع قوتين إقليميتين مثل تركيا وإيران إلى السعي نحو تعاون أعمق في مجال مكافحة الإرهاب؟ وكيف يمكن لشراكتهما أن تعيد تشكيل ديناميكيات الأمن في الشرق الأوسط؟ ولماذا أصبح هذا التعاون أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى؟ هذه الأسئلة تقع في صميم دعوة الرئيس رجب طيب أردوغان الأخيرة لتعزيز التعاون بين تركيا وإيران في مكافحة الإرهاب — وهي خطوة قد تعيد تعريف الاستقرار الإقليمي.

الضرورة الاستراتيجية لتحالف تركي–إيراني في مكافحة الإرهاب

تواجه تركيا وإيران، رغم اختلاف توجهاتهما الجيوسياسية، تهديدات أمنية مشتركة من الجماعات الكردية الانفصالية مثل حزب العمال الكردستاني (PKK) وحزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK)، بالإضافة إلى فلول تنظيم داعش. يشكّل التضاريس الوعرة على طول حدودهما المشتركة بيئة خصبة لتحركات المسلحين عبر الحدود. وقد أشار تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية في عام 2023 إلى أن العمليات غير المنسقة بين البلدين غالباً ما تتيح للجماعات الإرهابية استغلال الثغرات القضائية والميدانية.

مثال عملي: في عام 2022، أدت العمليات العسكرية التركية ضد قواعد حزب العمال الكردستاني (PKK) في شمال العراق، دون قصد، إلى دفع المسلحين نحو الأراضي الإيرانية، في حين أن الضربات الإيرانية على معسكرات حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) دفعت بالمقاتلين باتجاه الحدود التركية — مما يُظهر تأثير "لعبة القط والفأر" الناتج عن التحركات الأحادية الجانب.

السياق التاريخي: من التنافس إلى الشراكة البراغماتية

تطورت العلاقة من التنافس العثماني-الفارسي إلى تعاون براغماتي حديث. فقد أسس اتفاق طهران لعام 2008 أول إطار لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين الطرفين، إلا أن التنفيذ ظل غير منتظم. ويقترح الرئيس أردوغان في خطته لعام 2024 إنشاء آليات لتبادل البيانات في الوقت الفعلي ودوريات حدودية منسقة، بالاستفادة من الأطر القائمة مثل عملية أستانا للسلام في سوريا لعام 2017.

دراسة حالة: خلال أزمة الإجلاء من كابول في عام 2021، ساهم التنسيق بين تركيا وإيران في منع تسلل عناصر تنظيم داعش – ولاية خراسان إلى تدفقات اللاجئين، وهو ما يُعد نموذجًا لتعاون فعال في إدارة الأزمات يمكن تحويله إلى إطار مؤسسي دائم.

الأبعاد التقنية للتعاون المعزز

مراكز دمج الاستخبارات

إنشاء مرافق مشتركة على غرار قوة المهام المشتركة بقيادة الولايات المتحدة يمكن أن يُمكِّن من:

  • مشاركة الاستخبارات الإشارية حول اتصالات الجماعات المسلحة
  • شبكات مراقبة متكاملة باستخدام الطائرات بدون طيار تغطي المناطق الحدودية
  • قواعد بيانات بيومترية موحدة للمشتبه بانتمائهم إلى الجماعات الإرهابية

مواءمة قانونية

تُعيق الأطر القانونية المختلفة حالياً عمليات تسليم المطلوبين وتبادل الأدلة. ويهدف البروتوكول القضائي المقترح لمكافحة الإرهاب إلى معالجة ما يلي:

  • الاعتراف المتبادل بتصنيفات الجماعات الإرهابية
  • صلاحية إصدار مذكرات استدعاء عابرة للحدود
  • اتفاقيات لحماية الشهود

الترابط بين الاقتصاد والأمن

تُوفر العلاقة التجارية الثنائية التي تبلغ قيمتها 30 مليار دولار نقاط قوة يمكن استغلالها. يمكن أن يعمل ميناء تشابهار الإيراني كمركز لوجستي لعمليات مكافحة الإرهاب الإقليمية، بينما قد تُعزز تكنولوجيا الطائرات التركية بدون طيار قدرات إيران على مراقبة الحدود. كما يُوفر التعاون في مجال الطاقة – إذ تستورد تركيا 10% من احتياجاتها من الغاز من إيران – استقراراً إضافياً لدعم الشراكات الأمنية طويلة الأمد.

الأثر الواقعي: يمكن أن تُسهم المشاريع الاقتصادية المشتركة في المحافظات الحدودية في تقليص مصادر تجنيد الجماعات الإرهابية من خلال توفير سبل عيش بديلة — وهي استراتيجية تم تنفيذها بنجاح في برنامج تنمية جنوب شرق الأناضول (GAP) في تركيا.

التحديات واستراتيجيات التخفيف

تشمل العقبات:

  • علاقات إيران مع جماعات تصنفها تركيا كإرهابية (مثل حماس)
  • تضارب المصالح في سوريا والعراق
  • العقوبات الأمريكية التي تعرقل نقل التكنولوجيا

الحلول المحتملة:

  • التعاون المُجزأ الذي يركّز حصريًا على تهديدات حزب العمال الكردستاني / بيجاك / داعش
  • الوساطة من طرف ثالث مثل قطر أو روسيا
  • إعفاءات من العقوبات للتقنيات المخصصة لمكافحة الإرهاب

الطريق إلى الأمام: خارطة طريق للاستقرار الإقليمي

قد تشمل مراحل التنفيذ:

  • تدابير بناء الثقة (2024): تدريبات مشتركة، وإنشاء خط اتصال مباشر
  • الاندماج التشغيلي (2025-2026): بروتوكولات المطاردة عبر الحدود، وتشارك المجال الجوي لأغراض المراقبة
  • المأسسة (2027 فما بعد): إنشاء هيكل قيادة مشترك دائم، وصندوق إقليمي لمكافحة الإرهاب

النجاح في هذا المسار سيشكل نموذجاً يُحتذى به لبناء هياكل أمنية أوسع في الشرق الأوسط، مع إمكانية انضمام العراق وباكستان كشريكين في المستقبل.

2025-07-10 11:04:19

Similar Articles

article_photos

حرائق الغابات في تركيا: تدخلات جوية مكثفة وآثار مدمرة

تقرير مفصل عن حرائق الغابات المدمرة في تكيرداغ وجناق قلعة بت...

article_photos

الانقسام الأوروبي وغياب الإجراءات الحاسمة ضد إسرائيل في غزة

تحليل عمق الانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي حول التعامل مع إ...

article_photos

روسيا وأوكرانيا: بين إنذار ترامب ومفاوضات محتملة

تقرير مفصل عن تصريحات روسيا بشأن المفاوضات مع أوكرانيا وردو...

article_photos

دليل العقاريين الشامل: كتاب لا غنى عنه في عالم الممتلكات

اكتشف كتاب العقاريين الجديد الذي يغير قواعد اللعبة في سوق ال...

article_photos

ترامب يهدد روسيا بفرض تعريفة جمركية: الأسباب والتداعيات

تحليل شامل لتهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية على روسيا: الأ...

article_photos

لماذا يجب خفض رسوم الطابو وكيفية تحقيق سلامة القيمة العقارية؟

مقال شامل يشرح أهمية خفض رسوم الطابو وتحقيق سلامة القيمة الع...

مستعد للبدء؟ دعنا نتحدث!