غوبكلي تبه: اكتشاف أقدم معبد في العالم في جنوب شرق تركيا التاريخي
حتى قبل ظهور أول مدينة أو الكتابة أو العجلة، اجتمع البشر الأوائل في جنوب شرق تركيا الحالي لبناء مجمّع ديني ضخم وغامض يُعرف باسم غوبكلي تبه. يقع هذا الموقع، المُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، بالقرب من شانلي أورفا، ويُصنّف على أنه أقدم معبد في العالم، حيث يعود تاريخه إلى الألف العاشرة قبل الميلاد، أي قبل أكثر من 11,000 عام.
معجزة ثقافية مخفية في "تل السُرّة"
يقع غوبكلي تبه، والذي يعني "تل السُرّة"، في محافظة أورفا جنوب تركيا، على بُعد 15 كيلومترًا فقط شمال شرق مدينة شانلي أورفا، بالقرب من الحدود السورية. وتُعدّ هذه المنطقة جزءًا من الهلال الخصيب، الذي لطالما وُصف بأنه مهد الحضارة البشرية.
يقع الموقع على هضبة من الحجر الجيري ضمن جبال طوروس، وتبلغ مساحته حوالي 10 هكتارات، ويتألف من مجموعة من الحُجَر الحجرية الضخمة. كل حُجرة محاطة بأعمدة حجرية ضخمة على شكل حرف T، يصل وزن كل منها إلى 50 طنًا وارتفاعها إلى 5 أمتار. وتُزيَّن هذه الأعمدة بنقوش معقدة لحيوانات مثل الثعالب، النسور، الأفاعي، والخنازير البرية، ما يدل على وجود دلالات رمزية أو روحية عميقة.
إعادة تعريف تاريخ البشرية
ما يُعدّ ثوريًا بحق بشأن غوبكلي تبه هو عمره وتعقيده. فقد تم تشييده قبل المعالم المعمارية الضخمة الأخرى مثل ستونهنج بأكثر من 6,000 عام. والمذهل أن بناءه تم على يد مجتمعات من الصيادين والجامعين قبل تطور الزراعة والاستقرار الدائم، ما يُفند الفرضية القائلة بأن المعمار الديني لا يمكن أن ينشأ إلا بعد ظهور الزراعة والاستقرار.
وتُظهر العمارة في غوبكلي تبه معرفة هندسية دقيقة، حيث أن بعض المباني فيه تُشكّل مثلثات متساوية الأضلاع. وقد افترض علماء الآثار أن الموقع ربما كان مكانًا للحج، أو مركزًا دينيًا جماعيًا، أو حتى مرصدًا فلكيًا بدائيًا.
السياحة وسهولة الوصول
رغم أهميته العالمية، لا يزال غوبكلي تبه كنزًا مخفيًا للمسافرين. ومع استمرار أعمال التنقيب التي تكشف طبقات جديدة واكتشافات مثيرة، فإن الموقع يشق طريقه بثبات ليصبح وجهة عالمية. وللمسافرين الذين يزورون تركيا، خصوصًا أولئك المهتمين بالجنوب الشرقي الثقافي، يُعد غوبكلي تبه نافذة فريدة على الأصول الروحية للإنسانية.
وقد استثمرت الحكومة التركية بشكل كبير في تحسين مرافق السياحة والبنية التحتية، مما جعل الوصول إلى الموقع من شانلي أورفا – وهي واحدة من أقدم المدن في العالم – أسهل من أي وقت مضى، حيث يمكن للزائر أيضًا التمتع بمواقع مثل بركة إبراهيم والأسواق القديمة المجاورة.
لماذا هذا مهم للتنمية الإقليمية؟
مع سعي تركيا المتزايد لأن تكون مركزًا للسياحة الثقافية، فإن مواقع مثل غوبكلي تبه تملك القدرة على دفع عجلة النمو الاقتصادي في المحافظات الأقل زيارة. ويفتح ذلك المجال أمام تطوير قطاع الضيافة، الاستثمار في البنية التحتية، وتطوير العقارات التراثية، وخصوصًا في شانلي أورفا والمناطق المحيطة بها.
في Gain Estates، نراقب عن كثب نقاط التلاقي بين المعالم التاريخية القديمة والفرص الحديثة، كاشفين عن الإمكانيات المهملة للاستثمار والحفاظ على الثقافة.